وسط تقارير إعلامية متزايدة تحذر من تأثيرات الطقس الفضائي على حياتنا اليومية، يؤكد فريق مرصد "الميون الكويتي" في قسم الفيزياء بكلية العلوم بجامعة الكويت أن هذه الظواهر هي جزء طبيعي من النظام الشمسي، ويقدم الفريق فيما يلي توضيحًا علميًا مبسطًا لطقس الفضاء، كما يسلط الضوء على دور المرصد الكويتي في رصد هذه الظواهر والتنبؤ بتأثيراتها.
ومثلما يتميز طقس الأرض باختلافات موسمية، فإن طقس الفضاء يشير إلى التغيرات التي تحدث في الفضاء الخارجي المحيط بالأرض نتيجة للنشاط الشمسي، حيث تمر الشمس بدورة موسمية كل ١١ عامًا تقريبًا تصل فيها إلى ذروة نشاطها المغناطيسي، وفي ذروة النشاط الشمسي يتزايد ظهور البقع الشمسية، والتوهج الشمسي، والعواصف الشمسية، وتزيد كذلك احتمالية انبعاث جسيمات مشحونة بسرعة عالية من الشمس، وعندما تصل هذه الجسيمات إلى الأرض، يمكن أن تؤثر على الغلاف المغناطيسي الذي يحمي الأرض، مما يؤدي إلى اضطرابات مؤقتة في المجال المغناطيسي للأرض.
وهذه العواصف الشمسية تؤثر على الأنظمة التكنولوجية في الأرض، مثل الأقمار الاصطناعية، وأنظمة الاتصالات، ومحطات الكهرباء، وأجهزة تحديد المواقع (GPS)، وعلى الرغم من أن هذه التأثيرات نادرة، إلا أنها قد تسبب اضطرابات مؤقتة، وهو ما دفع العلماء إلى التركيز على التنبؤ بهذه العواصف واتخاذ الاحتياطات اللازمة لحماية التكنولوجيا، فنجد مثلا أن فريق القمر الاصطناعي الكويتي -كويت سات١- يراقب الطقس الفضائي باستمرار ويتخذ التدابير اللازمة لحماية أنظمة القمر الاصطناعي في حال وجود عواصف شمسية.
وللمساهمة في مراقبة طقس الفضاء، أنشئ مرصد "الميون الكويتي" التابع لقسم الفيزياء في جامعة الكويت في عام (2006) كجزء من الشبكة العالمية لرصد الميونات (GMDN) الممولة من جامعة "شينشو" اليابانية، والتي تشمل مراصد مماثلة في اليابان وأستراليا والبرازيل لتغطي أكبر قدر من الكرة الأرضية، علمًا بأن المرصد "الميوني الكويتي" هو الأكبر حجماً في الشبكة حيث يقوم برصد الميونات؛ وهي جسيمات تتكون من شظايا اصطدامات الأشعة الكونية بالغلاف الجوي للأرض، وفي حال حدوث عاصفة شمسية، فإنها تؤثر على شدة الأشعة الكونية، والذي بدوره يؤثر على كمية الميونات التي تصل إلى سطح الأرض، وعندما يرصد المرصد "الميون الكويتي" مثل هذه التغيرات، يتم تحليلها ضمن الشبكة العالمية مما يسمح بإصدار تحذيرات عن العواصف الشمسية العظيمة قبل وصولها إلى الأرض بعدة ساعات، وذلك لأن التغير في كم الميونات يسبق وصول العاصفة الشمسية إلى الأرض، مما يمنح الحكومات والشركات الوقت الكافي لاتخاذ التدابير اللازمة.
يُدرك فريق المرصد الميوني أن بعض التقارير الإعلامية قد تبالغ في عرض تأثيرات الطقس الفضائي، وذلك نظرًا لدخول الشمس إلى ذروة النشاط الشمسي، إلا أن الفريق يُشدِّد على أن الطقس الفضائي ليس تهديدًا للبشر، بل هو ظاهرة طبيعية تحدث بانتظام، وقد دخلت الشمس ذروة نشاطها آخر مرة في عام ٢٠١٤.
ويؤكد فريق المرصد الميوني في قسم الفيزياء بجامعة الكويت على أهمية فهم الطقس الفضائي كظاهرة طبيعية متكررة، مشيرًا إلى أن الجهود العلمية والتعاون الدولي يضمنان مراقبة دقيقة لهذه الظواهر والتنبؤ بها.